عبدالحكيم ادريس, المفتش العام للموتر الايغور العالمي
السلام عليكم ،
الإخوة المسلمون والأخوات المسلمات.
كما تعلمون، يتم قمع المسلمين الأويغور اليوم من قبل سلطات الاحتلال الصيني بسبب دينهم وعرقهم ولأنهم أصحاب أرض تركستان الشرقية التي تقع في قلب آسيا الوسطى حيث كانت مركزًا تجاريًا بارزًا لأكثر من 2000 عام. لقدشهد وطننا مولد العديد من الحضارات العظيمة وفي مختلف مراحل التاريخ كان بلدنا مهدًا للدين والعلوم والحضارات . في التاريخ القديم تأثر الأويغور بديانات مختلفة وبنوا حضارة عظيمة في الأراضي التي كانوا فيها.
في القرن العاشر اعتنق الشعب الأويغوري الإسلام بارادته الحرة، و أسهم علماء الأويغور علي أساسهم العريق في الحضارة والثقافة الإسلامية. ومنذ القرن العاشر الميلادي اعتمدت أجيال الأويغور المتلاحقة على نظام المدرسة لتعليم وتوريث الإسلام لأطفالنا. إن إستراتيجية الصين لهدم هذه المؤسسة لا تهدف لاقتلاع الجذور الدينيةالاسلامية للشعب الأيغوري فحسب بل وأنها تسعي للقضاء على هذا الجانب المهم من تاريخنا الحضارى. و كانت قد تأسست كثير من المدارس في تركستان الشرقية كمدرسة خانليق مدرسة في كاشغر في عهد امبراطورية قاراخان الذي يعتبر سلطانها ستوق بوغرا خان أول من اعتنق الإسلام من السلاطين التركستانين .وقد نجت هذه المدارس من محاولات اقتلاعها في مختلف مراحل الاستعمار الصيني لتركستان الشرقية قبل أن يهدمها النظام الشيوعي اليوم.
كانت هذه المدارس مراكز للعلوم الأكاديمية لقرون شتى. وأجرى علماء الدين والعلوم أبحاثًا كبيرة ونشروا بحوثهم من هذه المراكز وبعبارة أخرى كانت تركستان الشرقية إحدي أهم مراكز الاختراع والابداع الكبرى في العالم الإسلامي في القرنين الحادي عشر والثاني عشر.
وعلى الرغم من ذلك لا يزال تراث احتياطي هام من التاريخ الإسلامي موجودًا في تركستان الشرقية حتى اليوم. كما يشكل شعب الأويغورعنصرا هاما حتى هذه الأيام فى بناء وتأسيس مصادر الحضارة والثقافة في العالم الإسلامي. لذالك يحاول النظام الصيني استيعاب ملايين الأويغور لتحقيق طموحاته الإمبريالية. إن الهدف الأساسي في نظام القمع الذي تتبعه السلطات الصينية هوكسر الروابط الدينية التي تربط شعب الأويغور ببعضه البعض حيث أن تلك الروابط التي ربطت شعب الأويغور بالإسلام لقرون وأبقته على قيد الحياة مثل مؤنة الأسمنت التي تحافظ على البناء قويا. وما تهدف إليه السلطات الصينية هو إنهاء السمة الأساسية لشعب تركستان الشرقية ألا وهي الإسلام.
منذ احتلال الصين الشيوعية لتركستان الشرقية عام 1949 حاولت الحكومة الصينية بلا هوادة القضاء علي الهوية الدينية والحضارية والثقافية للشعب الأيغوري . لقد تعرض الأويغور للاضطهاد تحت مسمى “القوميين” و “المعادين للثورة” و “الانفصاليين”. وتم إغلاق جميع المساجد، والمدارس ومؤسسات التعليم الدينية المتعددة. وتم تدمير العديد من المساجد والمدارس التاريخية. كما تم تحويل مؤسسات الأوقاف والجمعيات الخيرية إلى مكاتب للحزب الشيوعي الصيني. كان الهدف هو القضاء المادي على المؤسسات الأساسية للإسلام أمام أعين المجتمع. حتى الاذان للصلاة كان غيرمسموح به. لقد اختفى الأئمة في المساجد و معلمي المدارس والعلماء والمثقفون في المجتمع ، واختفى آلاف الأشخاص بسبب الخطط الشريرة للحزب الشيوعي التي كانت تهدف إلي تحويل الشعب الأيغوري إلي مجتمع بدون قيادات أو زعماء.
ومع ذلك ، خلال الثمانينيات بعدما انفتحت الصين على الغرب ،كانت هناك فترة وجيزة تم فيها ترجمة بعض الكتب الإسلامية إلى اللغة الأويغورية. وسمح للأويغور بالسفر إلى خارج البلاد. و انتهز بعض أبناء الاويغور هذه الفرصة لدراسة العلوم والثقافة الإسلامية في دول كتركيا ، ومصر، والمملكة العربية السعودية ، وباكستان.
بعد مأساة الحادي عشر من سبتمبر / أيلول في الولايات المتحدة أعادت السلطات الشيوعية تسمية ممارساتها القمعية على التركستانيين على أنها “حرب علي الإرهاب”. واليوم أصبح شعب تركستان الشرقية ضحايا المشروع الصيني “حزام واحد طريق واحد” وهومشرووع شي جينبينج الرئيسي منذ 2014. الآن قرر النظام الصيني تصفية الأويغور كقومية عرقية. وللقيام بذلك بدأ في تنفيذ مخططه للقضاء علي ديننا الإسلام بالكامل في تركستان الشرقية وذلك من خلال الإجراءات التالية:
أولاً : أجبر علماء الدين وقادة المجتمع على دخول معسكرات الاعتقال وتمت تصفية وظائفهم وأعمالهم. لكن بغض النظر عن الطريقة التي حاولت بها الحكومة الصينية في الماضي للقضاء على التراث الثقافي والديني لمسلمي الأويغور ، لم يفقد الشعب الأويغور ي أبدًا روابطه بدينه وثقافته. بل على العكس كان يتم تعزيز ولائه أكثرللعقيدةالاسلامية . و كانت هذه العلاقات القوية هي الهدف الأساسي للنظام الشيوعي الآن.
ثانيا : تحاول الحكومة الصينية تقديم العقيدة الإسلامية و التي تحافظ علي المجتمع الاسلامي من اخطار الانهيار و الاندماج مع غيرالمسلمين على أنها خطر “الانفصال والإرهاب” لدى الحكومة الصينية.
ثالثا: مع هجوم السلطة الصينية على ديننا تحت ما يسمى بقوانين ” التخلص من التطرف ” أصبحت ممارسة شعائر الإسلام جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدد طويلة. إن قراءة القرآن وتعليم الإسلام للأطفال وتسمية الاطفال بالأسماء الاسلاميه والتحدث عن الإسلام أو قراءة الأدب الإسلامي أو ارتداء الملابس الدينية أو مشاهدة مقاطع الفيديو الدينية أو الدعوة إلى الإسلام بأي شكل من الأشكال جريمة يعاقب عليها بالسجن القاسي لمددة طويلة ومؤلمة .
وماتسميه السلطات الصينية “بمراكز التدريب المهني” هي في واقع الامر معسكرات للإعتقال. حاليا أصبح أفراد عائلتي من الضحايا أيضا. لقد اختفى والداي من خوتن وهما في أواخر السبعينات من العمر كما اختفت ثلاث من شقيقاتي وأزواجهن بالاضافة لشقيقي وزوجته منذ أبريل 2017. و نحن قلقون من أن كلهم جميعًا قد سجنوا في معسكرات الاعتقال”.
وليس لدي أي فكرة عن مكان وجود اطفال واولاد اخواني واخواتي اليوم الذين تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 22 عامًا. وانا أخشى أنه قد تم إرسال العديد منهم إلى دار الأيتام في الصين الداخلية و اسال الله أن لا يصبحوا أو يكبروا كملحدين.
إذا قمت بالقضاء علي الأشخاص المثقفين الذين يعلمون الحياة الدينية والثقافية للناس في آن واحد ، فإنك بذلك تقضي علي معتقدات الناس وجذورهم التاريخية. وهذا ما يهدف إليه الحزب الشيوعي الصيني لمحو الجذور التاريخية والثقافية والدينية للشعب الأيغوري من خلال اسكات أصواتهم الحية وحرق نسخ من القرآن الكريم والكتب الدينية. كما أعلنت الحكومة الصينية الآن أنها ستعيد كتابة القرآن الكريم “لتعكس الأيديولوجيات الشيوعية”. فكيف يكون الإسلام أو أي دين في العالم متوافقًا مع الأيديولوجيات الإلحادية الشيوعية !؟ لا تقوم الصين فقط بالاستيعاب السياسي والثقافي ضد مسلمي الأويغور وتصيينهم في معسكرات الاعتقال الحديثة ، بل تقوم بهدم المساجد الدينية كما تهدم أيضًا مقابر الأويغورالتاريخية من العصور القديمة وفقًا للتقارير الحديثة .
فهناك ثلاثة أماكن في مجتمع مسلم يدل علي وجود دين الإسلام: المساجد والمدارس والمقابر. اليوم يقوم النظام الصيني الغاشم والقاسي بإلغاء كل هذه الثلاثة بالنسبة للمسلمين الاويغور و الكزاخ.
اليوم ومع الاسف الشديد يتجاهل العالم الاسلامي اخوانهم الأويغور و الكازاخ المسلمين في تركستان الشرقية والذين هم بمثابة الحصن الشرقي المنيع للعالم الإسلامي. ولكم أن تتخيلوا إذا تم تدمير وهدم هذا الحصن الشرقي للعالم الإسلامي فإن النظام الشيوعي الصيني سيحتل كل مكان ثقافيًا واقتصاديًا بل و حتي عسكريا بدئا من آسيا الوسطى إلى تركيا حتى يصل إلى العالم الإسلامي في إفريقيا والشرق الأوسط. بعد محو الإسلام من أراضي تركستان الشرقية يمكن للصين إقامة نظام إمبراطوري دكتاتورى قاسي بمظهر شيوعي في آسيا الوسطى ثم التحرك نحو بقية العالم. لهذا السبب لا ينبغي اعتبار قضية تركستان الشرقية أبدًا على أنها قضية جماعة عرقية او انها أزمة حقوق الإنسان فقط بل إنها قضية إسلامية و لذلك يجب دعم المسلمين الأويغورو الكزاخ في تركستان الشرقية.
إن دعم و حماية المسلمين في تركستان الشرقية هو دفاع عن الإسلام .
شكرا لمتابعتكم .
(احد خطاباتي أمام المسلمين في 2019)