اهتمت مجلة “نيولاينز” بمعاناة مسلمي الإيغور بوصفها أقلية تعاني الاضطهاد في الصين، وركزت على محاولات الحكومة هناك إذابتهم وطمس هويتهم. وقالت معدة التقرير، الأستاذة المساعدة في دراسات تاريخ شرق آسيا بجامعة أركانساس، إنه خلال الأعوام الماضية قامت الصين بحملة منظمة باحتجاز مسلمي الإيغور في “معسكرات إعادة التعليم”، ضمن واحدة من أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان في العالم. وأضافت، وفق ما ترجمته “عربي21“، أن “ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الإيغور، الأقلية المسلمة ذات الأصول التركية التي تقطن غرب الصين، ليسوا وحدهم المستهدفين”.وأوضحت أنه “أينما عاش المسلمون في مختلف أرجاء الصين باتوا يجدون أنفسهم عرضة لانتهاكات فظيعة لحقوقهم، بما في ذلك إخضاعهم لإجراءات مستبدة، مثل إجبارهم على أكل لحم الخنزير وشرب الخمر، وإكراه الرجال على حلق لحاهم، والنساء على نزع الأوشحة التي يرتدينها على رؤوسهن”.واستعرضت الكاتبة في التقرير تاريخيا كيف اضطهد المسلمون في الصين.
وتاليا النص الكامل للتقرير الذي ركز على البعد التاريخي كما ترجمته “عربي21”:
كيف تنكل الصين بالمسلمين الإيغور وتستهدف الأقليات المسلمة الأخرى سعيا لإذابتها وطمس هويتها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ما لبث ما يزيد على مليون من الإيغور في جمهورية الصين الشعبية يتعرضون لحملة منتظمة تديرها الدولة؛ لحبسهم واحتجازهم في “معسكرات إعادة التعليم”، ضمن واحدة من أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان في العالم. بدأت الحكاية تحظى بالتغطية التي تستحقها في وسائل الإعلام الكبيرة، كما في هذا التقرير الاستقصائي الذي تم تحديثه الشهر الماضي من قبل صحيفة ذي نيويورك تايمز، والذي تظهر فيها صور مأخوذة بالأقمار الصناعية تثبت توسعة معسكرات الاحتجاز تلك، على الرغم من ادعاء الصين أن المعسكرات آخذة في الانكماش بسبب عودة الإيغور “الذين تم إصلاحهم” إلى مجتمعهم. إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الإيغور، الأقلية المسلمة ذات الأصول التركية التي تقطن غرب الصين، ليسوا وحدهم المستهدفين؛ فأينما عاش المسلمون في مختلف أرجاء الصين باتوا يجدون أنفسهم عرضة لانتهاكات فظيعة لحقوقهم، بما في ذلك إخضاعهم لإجراءات مستبدة، مثل إجبارهم على أكل لحم الخنزير وشرب الخمر، وإكراه الرجال على حلق لحاهم، والنساء على نزع الأوشحة التي يرتدينها على رؤوسهن.
يجري التنكيل بهؤلاء المسلمين بسبب ارتباطاتهم -سواء كانت حقيقية أو مظنونة- بالمفكرين المسلمين في الخارج، وكثيرون منهم يحرمون من الحصول على جوازات السفر ومن حق التنقل والترحال، بما في ذلك حتى لأداء مناسك الحج. كما أقدمت سلطات الدولة كذلك على حظر الأذان، بل وعمدت إلى إزالة المآذن، وحتى هدم بعض المساجد عن بكرة أبيها. بينما شهدت الصين في تاريخها حملات قمعية استهدفت الأقليات من حين لآخر، إلا أن الانتهاكات الحالية، والتي ترتكب بشكل منتظم، هي الأكثر خبثاً والأشد وطأة، وذلك بسبب ما يستخدم فيها من وسائل رقابة بالغة التعقيد وتقنيات الذكاء الصناعي التي تتطور بشكل سريع. يضاف إلى ذلك أنه بسبب الدور المتنامي الذي تلعبه الصين في اقتصاد العالم والأصداء الناجمة عن “الحرب الكونية ضد الإرهاب”، فقد غدا غرب الصين عالماً لواقع مرير تمارس فيه التجارب على الإيغور ضمن العديد من الناس الآخرين الذين يُخضعون لها رغماً عنهم. لا يوجد ما يشير إلى أن هذه التجربة قد تتوقف في المستقبل المنظور أو أنها ستبقى محصورة في جزء واحد من هذا البلد الذي ينمو في كل الاتجاهات وبكافة الأشكال.
في القلب من هذه السياسات القمعية تربض غاية الصين المتمثلة في “نزع الإسلام” عن المسلمين، أو كما يطلق عليه البعض عبارة “تصنين” الإسلام. يصف مصطلح “التصنين” تلك العملية التي يتم من خلالها امتصاص الجماعات -سواء كانوا المنغوليين أو المسلمين أو أهل التبت- داخل الدائرة الصينية عبر التطبيع الثقافي وسياسات التذويب، أو حتى من خلال تطبيق سياسات الاستعمار الثقافي المباشر. ومن أمثلة ذلك توجه الصين الأخير نحو حظر التعليم الديني باللغة العربية، وإزالة الأحرف والرموز العربية من المطاعم والمحلات التجارية، وإغلاق متاجر الكتب الإسلامية، ومن حين لآخر حتى اعتقال أصحابها. ما يجري في الأساس هو عملية غايتها إذابة المسلمين في ثقافة هان الصينية السائدة من خلال طمس الشعائر والممارسات الإسلامية في الصين. وهذه سياسات متعمدة تنفذها الدولة من أجل تقليص ظهور الممارسات الإسلامية في الحياة اليومية، لدرجة أن المراقبين باتوا يخشون من أن القيود التي تفرض بشكل متزايد على نينغزيا وغانسو، حيث تنتمي أغلبية السكان إلى عرقية “هوي”، قد تعني أن معسكرات الاحتجاز من نمط زينجانغ قد يجري نقلها إلى أجزاء أخرى من الصين حيث يشكل المسلمون فيها أغلبية السكان.
تشكل عرقية “هان” 92 بالمائة من سكان الصين، وهذا يترك ما يقرب من 130 مليون نسمة من الشعب الصيني ليتوزعوا على 56 من المجموعات العرقية المختلفة، وذلك بناء على تصنيف الحزب الشيوعي نفسه. ومن هذه المجموعات العرقية، هناك 10 مجموعات من المسلمين يقدر عددهم معاً بما يقرب من أربعين مليون نسمة – وهذا يعادل أقل من 2 بالمائة من سكان البلاد. تشتمل هذه الأقلية المسلمة بترتيب تنازلي من حيث الحجم على المجموعات التالية: مجموعة “هوي” التي ينتمي إليها نصف مسلمي الصين تقريباً، ويأتي بعدهم الإيغور ثم القازاك، ثم القرغيز، ثم السالار ثم الطاجيك ثم الأوزبيك ثم البونان ثم التتار الذين يقدر عددهم حالياً بما يقرب من خمسة آلاف نسمة. أدت السياسات القمعية للنظام في الصين إلى مقاومة من قبل المجتمعات المحلية التي تستاء من تدخلات الذراع الطويلة للدولة في شؤونها الدينية الخاصة. يذكر أن احتجاجاً واحداً على الأقل نجح في هذا الصدد وهو الذي نظم ضد هدم مسجد “واجو” الكبير. ولكن إذا كان ذلك من العلامات النادرة على تنازل يقدم نيابة عن الدولة الصينية فيبدو من المحتمل أن يفضي إلى نهاية مباغتة. دخل الإسلام إلى الصين عبر مبعوثين من الشرق الأوسط سافروا إلى هناك للقاء إمبراطور غاوزونغ من سلالاة “تانغ” في القرن السابع الميلادي. بعد تلك الزيارة بوقت قصير أقيم أول مسجد في ميناء غوانزو التجاري جنوبي البلاد ليصلي فيه العرب والفرس الذين كانوا يجوبون المحيط الهندي وبحار جنوب الصين ضمن عملهم كتجار.
خلال تلك الفترة ترسخت أقدام التجار المسلمين في الموانئ الصينية والمواقع التجارية على امتداد ما نطلق عليه الآن “طريق الحرير”. كان المسلمون في ذلك الوقت يعيشون منفصلين عن السكان الصينيين من عرقية “هان” وظلوا على ذلك لما يقرب من خمسة قرون. ثم في القرن الثالث عشر، في عهد سلالة “يوان” المنغولية، وفد المسلمون على الصين بأعداد غير مسبوقة ليقوموا بتقديم خدمات إدارية للحكام الجدد الذين كانوا ينحدرون من ذرية جنكيز خان، مؤسسة الإمبراطورية المنغولية. لم يكن لدى المنغوليين خبرة كافية في إدارة دولة كبرى بحجم الصين، فتوجهوا إلى من تتوفر لديهم الخبرة والمهارة من داخل المدن التي تقع على طرق الحرير مثل بخارى وسمرقند في آسيا الوسطى. فجندوا، ورحلوا بالقوة، مئات الآلاف من سكان آسيا الوسطى ومن الفرس إلى ديوان “يوان” لمساعدتهم في حكم الإمبراطورية الآخذة في التمدد. خلال تلك الفترة، استمر المسؤولون الأثرياء في جلب زوجاتهم ليعشوا معهم، بينما عمد المسؤولون من أصحاب الرتب الدنيا إلى اتخاذ زوجات صينيات ما لبثن أن تحولن إلى الإسلام. ثم على مدى الثلاثمائة سنة التالية – طوال حكم سلالة “مينغ” – ظل المسلمون يتمتعون بالنفوذ داخل سياسات ديوان الحكم. خذ على سبيل المثال الأميرال البحري “جينغ هي”، الذي قاد الأساطيل الصينية في رحلات استكشافية ودبلوماسية عبر جنوب شرق آسيا والمحيط الهندي. لقد كان طواشياً مسلماً، وبفضل إجادته للغة العربية -اللغة الرسمية لحوض المحيط الهندي- ومعرفته بالأعراف الاجتماعية والثقافية المرتبطة بالإسلام فقد كان الخيار المثالي لتولي مهمة ترؤس مثل هذه الرحلات الاستكشافية الضخمة.
طوال ذلك الوقت تكيفت الممارسات الإسلامية، وكذلك المسلمون، مع الصين، وكان كثير من المسلمين يستطيعون القراءة بالعربية أو الفارسية رغم أنهم لا ينطقون بأي من اللغتين. كما كتبوا الكثير عن الإسلام باللغة الصينية. وكان ذلك، جزئيا، جهدا استهدف تيسير فهم الإسلام على الأغلبية غير المسلمة التي كانت تعيش من حولهم. إلا أن الجزء الأكبر من تلك الكتابة التي طورها المفكرون الصينيون المسلمون – وعرفت باسم “هان كتاب” (هان هي العرقية الصينية والكتاب هي الكلمة العربية لما يدون فيه) – كان يتعلق بقضايا تخص المسلمين الذين يعيشون في الفلك الصيني، مثل كيف تتصالح الكونفوشية مع الإسلام. إلا أن العلاقة بين المسلمين والدولة في الصين بدأت تتغير في القرن الثامن عشر. كانت سلالة “مانشو قينغ”، التي استمرت من 1644 إلى 1911، هي آخر السلالات الحاكمة في الصين. وهم أيضا لم يكونوا من عرقية “هان” الصينية. كانت لدى المانشو طموحات توسعية كبيرة، وكانوا يرغبون في إخضاع أراض بعيدة، مثل التبت وأجزاء من منغوليا، وما يسمى الآن منطقة زينجانغ إيغور المستقلة ذاتياً، وإدخالها ضمن نطاق نفوذهم الإمبراطوري. هذا التوسع الإمبراطوري أدى إلى صدامات مع السكان المسلمين، وشهد القرن التاسع عشر عددا من التمردات التي قادها المسلمون ضد حكم قينغ. وكانت تلك الثورات تنظم بهدف معارضة سعي بيجينغ لفرض مزيد من السيطرة المباشرة على المناطق التي كان أصحاب النفوذ المسلمون فيها يحكمونها باستقلال ذاتي نسبي. إلا أن الدولة أخمدت بعنف تلك الثورات، وأنهت بذلك عهدا طويلا كان المسلمون خلاله موضع ترحيب في الصين.
وفي نهاية القرن التاسع عشر، بدأت بيجينغ ترسل الموظفين الصينيين من عرقية “هان” ليتولوا إدارة شؤون الحكم في غرب الصين. وتم رسميا تحويل منطقة زينجانغ، التي تعني حرفيا “المناطق الجديدة”، إلى إقليم تابع لإمبراطورية “قينغ” في عام 1884. وخلال سنوات الاضطراب ما بعد سقوط آخر سلالة حاكمة، تمكن المسلمون، تارة أخرى، من حكم أنفسهم باستقلال ذاتي نسبي عن بيجينغ. وراحوا يتطلعون إلى قوى أخرى، مثل اليابانيين والسوفييت، ليساعدوهم في مساندة خطط الإصلاح. كانت تلك المجتمعات أيضا منهمكة بقوة في عملية النشر الكوني لأفكار حول ماذا يعني أن يكون المرء عصريا ومسلما في الوقت ذاته، وسعوا إلى تطبيق بعض التغييرات في أوساط مجتمعاتهم. إلا أن الإمبراطورية ما لبثت أن تحطمت، ودخلت الصين حالة حرب دائمة -أهلية ودولية في الوقت ذاته- استمرت طوال النصف الأول من القرن العشرين إلى أن تمكن الحزب الشيوعي من إعادة توحيد معظم أراضي إمبراطورية “قينغ” البائدة. وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، قسم علماء دراسة العرقيات وتاريخ البشر الناس الذين عاشوا ضمن حدود الدولة الجديدة إلى 56 مجموعة عرقية تأسيسا على مواصفات مبهمة نسبيا مثل ما يشترك فيه الناس من لغة وأرض وتاريخ وتقاليد. في السنوات الأولى بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تمتع المسلمون تارة أخرى بحرية دينية نسبية بينما انشغلت الدولة الجديدة بأولويات أخرى. ولكن، أثناء سنوات الثورة الثقافية التي شهدت أعلى مستوى من الفوضى بين عام 1966 وعام 1969، انتهكت مرة أخرى حرمة المساجد، وحرقت المصاحف والكتب الدينية الأخرى، ومنع المسلمون من أداء الحج، وحظر الحرس الأحمر الشيوعي الثوري كل تعبير عن الدين. ثم بعد وفاة الزعيم ماو تسيتونغ في عام 1976، تبنى الشيوعيون سياسات أكثر مرونة تجاه المسلمين.
كثير من المسلمين الأكبر سنا يتذكرون اليوم تلك الأيام الحالكة التي عاشوها أثناء الثورة الثقافية، ولربما حتى اعتبروا أحداث تلك الفترة المضطربة صورة طبق الأصل لما يجري حاليا في الصين. كثيرا ما يعيد التاريخ نفسه، إلا أن ما يحدث اليوم في الصين بشأن الأقلية المسلمة هو في واقع الأمر أكثر تنظيما، وأكثر كفاءة، وأكثر خطرا من كل ما وقع للمسلمين في الماضي. مع بدء الحرب على الإرهاب، التي تزعمتها الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، استغلت الحكومة الصينية الفرصة لتطلق على الإيغور صفة “الإرهابيين” و”المتطرفين”، وبدأ الحديث عن الإسلام كمصدر تهديد للدولة وللاستقرار في المنطقة، ما وفر ذريعة للمسؤولين ليقمعوا المجتمعات المسلمة. ولقد نجحت هذه الحملات التي تحركها الدولة، وغدت الإسلاموفوبيا مستفحلة في أوساط الأغلبية الصينية من عرقية “هان”. خلال ذلك الوقت كان يشاد بعرقية “هوي” على أنهم أقلية نموذجية، فهم يتحدثون الصينية وينظر إليهم باعتبارهم مكونا ذا قيمة عالية في الصين؛ إذ يساعدون في ترطيب العلاقات الدبلوماسية بين الدولة الصينية والدول المسلمة حول العالم، بينما كان يُزج بالإيغور في أقفاص داخل ما يشبه معسكرات الإبادة. ثم في عام 2019 ما لبثت الإسلاموفوبيا التي تغذيها الدولة أن وصلت ألسنة لهيبها إلى عرقية “هوي”، إذ بدأ المراقبون يلاحظون ممارسة للقمع ضد الإسلام والممارسات الإسلامية في المجتمعات التي غالبية سكانها من عرقية “هوي” داخل إقليمي غانسو ونينغزيا الصينيين بطرق أكثر ديمومة وأشد عمقا من الحظر الذي كان يطبق على الإسلام في عهد الثورة الثقافية.
تتسم هذه السياسات بالتنظيم والمركزية. وهي تعتمد على وسائل الرقابة المكثفة التي تم تطويرها بجهود قطاع التقنيات العالية في الصين ويشرف عليها جهاز الأمن في بيجينغ. في الشهر الماضي نشرت صحيفة ذي واشنطن بوست تقريراً اشتمل على تفصيل للطرق التي عمل من خلالها عملاق التكنولوجيا الصيني هواوي على اختبار برامج التعرف على ملامح الوجه، بحيث تكون لديها القدرة على بث “تحذيرات حول الإيغور” إلى السلطات الحكومية كلما تعرفت كاميرات هواوي على شخص ينتمي إلى الأقلية المضطهدة وفي تقرير آخر، اكتشف للمرة الأولى من قبل مجلة صناعة الرقابة “آي بيه في إم”، تم الكشف عن كيفية قيام عملاق التكنولوجيا “علي بابا”، الذي طالما افتخر به على أنه المكافئ لشركة أمازون في الصين، بإرشاد الزبائن إلى كيفية استخدام البرنامج للتعرف على وجوه الإيغور وغيرهم من الأقليات العرقية داخل الصور ومقاطع الفيديو. كما كشف تقرير نشرته ذي نيويورك تايمز في العام الماضي كيف ابتكر هاكرز في الصين برنامج للتجسس على الإيغور من خلال الهواتف الذكية في وقت مبكر يعود إلى عام 2013، بما يفيد بأن الحملة كانت حجر زاوية مبكر في الشبكة الأوسع التي نصبتها الصين لمراقبة الإيغور وتشمل جمع عينات من الحمض النووي (دي إن إيه)، وتسجيل بصمات الصوت، وعمل مسوح للوجوه، ومراقبة الإيغور المنفيين في ما لا يقل عن خمسة عشر بلدا. يتم الآن توسيع نطاق هذه السياسات، التي تعتبر غير مسبوقة من حيث اعتمادها على التقنيات الحديثة، لتشمل مجموعات أخرى من الأقليات، بما في ذلك أهل التبت والمنغوليين. إذا كانت الغاية النهائية هي التذويب الكامل للأقليات -سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين- في ثقافة عرقية “هان” الصينية السائدة، فيبدو أن الخطة تؤتي أكلها، على الأقل حتى الآن.
يلعب اقتصاد الصين المتنامي دورا محوريا في تسهيل تلك الممارسات أو على أقل في تشجيع المجتمع الدولي على غض الطرف عما يجري. فمن خلال مبادرة الحزام والطريق، وهي خطة طويلة المدى غايتها توليد التجارة من خلال قطاعات البنى التحتية والطاقة عبر الاستثمار والإقراض في الدول النامية في أرجاء أوراسيا والمحيط الهندي، تكون الصين قد اشترت صمت الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل إندونيسيا والباكستان، والتي كان من الممكن في ظروف مختلفة أن تعترض على الطريقة التي يعامل بها إخوانهم المسلمون. وبالفعل، لقد أصبح الاقتصاد العالمي متداخلا جدا مع معسكرات السخرة في زينجانغ، لدرجة أن الولايات المتحدة خططت مؤخرا لحظر استيراد القطن والطماطم من الصين؛ نظرا لوجود احتمال كبير بأن تكون تلك المنتجات واردة من مزارع يسخر للعمل فيها عمال مسلمون. ربما تكون هذه الخطوة قد جاءت متأخرة جدا بالنسبة لكثير من الإيغور، ولا يوجد ما يبعث على الاعتقاد بأنها سوف تجبر الصين على إعادة التفكير. وبينما يستمر العالم في إبداء اللامبالاة تجاه تلك الانتهاكات، يزداد الرئيس الصيني زي جينبينغ ونظامه جرأة وتصميما على توسيع هذه الحملات، لتشمل المزيد من الأقليات، التي يعدّ أفرادها من مواطني الصين.